نقله كما هو :علي ابراهيم المحيميد الجبري الخالدي
قبائل عربية ذات تاريخ
جذور بني خالد.. ضاربة بجذورها في عمق التاريخ
إعداد هشام البدري وشوقي زيدان:
تمثل كل قبيلة جزءاً من حلقة تاريخ وتراث امتنا العربية القديم، ففي الماضي البعيد اجتمعت العرب تحت راية القبيلة كنمط اجتماعي فكانت بمثابة حكومة لها كيانها الخاص تدير أمورها وتسير حياة أبنائها فتقيم التحالفات وتعقد الصفقات وتتصدى للنزاعات لتحفظ كيانها وتؤمن وجودها وهكذا كانت فلسفتهم في الحياة التي فرضتها عليهم الطبيعة القاسية والبيئة الصعبة.
فتراث ومجد كل قبيلة عربية هو في الحقيقة جزء من تراث ومجد الأمة العربية، فالحالة الوجدانية والعقلية عند أبناء القبائل العربية تمثل هوية شخصية تشعر المجموعة المحلية بكيانها كشعب وأمة متماسكة مترابطة الجذور متضامنة مع نفسها متآزرة في السراء والضراء.
ولقد برز في العصور الماضية القديمة عدد من القبائل العربية العظيمة ذات الشأن والمنعة والتي تعاقبت على اخذ مقاليد السيادة والقيادة بين قبائل العرب الأخرى، من هذه القبائل قبيلة بنو خالد التي كان لها شأن ونفوذ في جزيرة العرب والعراق و الشام والذي ينتهي نسبهم إلى سيف الله خالد بن الوليد المخزومي القرشي رضي الله عنه.
ولعبت قبيلة بني خالد دورا كبيرا في تاريخ جزيرة العرب والشام منذ القرن العاشر إلى نهاية القرن الثاني عشر الهجري الموافق القرن السادس عشر إلى القرن الثامن عشر الميلادي، فحكم بني خالد الطويل في جزيرة العرب متمثلا بدولة الجبور الخوالد و دولة بني خالد بقيادة أل عريعر التي امتدت لثلاثة قرون ونصف وهذا ما لم يحصل لقبيلة عربية أخرى.
ولقد تحضرت اغلب بطون هذه القبيلة في وقتنا الحاضر ولم يبق من حياة البداوة والتنقل إلا القليل.
فهناك العديد من الأسر المنتمية لتلك القبيلة في مختلف الأقاليم النجدية مثل القصيم وسدير والعرض إضافة إلى الجوف وفي شرق المملكة العربية السعودية كالإحساء والقطيف ويمتد هذا الوجود في بقية أقطار الخليج العربي كالكويت وقطر والبحرين وعمان بالإضافة إلى انساح من بطونها إلى العراق وخصوصا في المناطق الجنوبية كالبصرة وبلاد المنتفق والى ساحل الخليج العربي الشرقي ومنطقة الأهواز «عربستان» في الأراضي التابعة لإيران ولا تزال محتفظة بطباعها وعاداتها العربية إلى وقتنا الراهن.
نسب قبيلة بني خالد
إن تحديد نسب القبائل المعاصرة على وجه الدقة والجزم به كخبر ثابت والبت فيه أمر من الصعوبة بمكان وذلك بسبب تداخل القبائل منذ القدم وتشابه أسمائها بالإضافة إلى انقطاع تدوين الأنساب منذ زمن بعيد.
وفيما يلي بيان القبائل المنسوبة إلى خالد والتي يمكن أن تكون قبيلة بني خالد في الإحساء ذات صلة بها.. دون النظر إلى القبائل الأخرى التي تنسب إلى خالد (فهناك الكثير من القبائل المنتشرة في الوطن العربي وتنسب إلى خالد) وقد ذكر عمر رضا كحالة في كتابه أن هناك أكثر من عشرين قبيلة عربية بهذا الاسم، عدا ما يوجد في كتب الأنساب الأخرى، آخذين بعين الاعتبار تداخل انساب القبائل بسبب الاتفاق في الاسم وكذلك سبيل كل قبيلة من البادية تضاهي باسمها اسم قبيلة أشهر منها لتنسب إليها.
- الرأي الأول يذكر نسبة بني خالد إلى خالد الحجاز
ذكر احمد بن يحيى بن فضل الله العمري في مخطوطة «مسالك الإبصار في ممالك الأمصار» وعند كلامه عن ربيعة نقلا عن الحمداني أن لربيعة أربعة أبناء هم فضل ومرا وثابت ودغفل، ثم ذكر آل فضل بن ربيعة وعد من ينتسب إليهم في عصره، وقد اعتمد العمري في روايته على رجل من المعاصرين من ربيعة هو محمود بن عذام من بني ثابت.
وقد ذكر منهم خالد حمص وبني خالد الحجاز وغزيه التي منها غالب وآل أجود والبطنين وساعده ثم عدد من بني خالد آل جناح الذين عدهم الحمداني بطناً من بني خالد مع عرب الحجاز، والضبيات من مياس والجبور والدعم والقرشه وآل منيخر وآل ثبوت والمعامره والعلجات وهؤلاء من خالد.
وقد ذكر دعم وآل جناح والجبور في موضع آخر عندما عدد عرب الحجاز وعد القلقشندي منهم آل برجس وعدهم من أحلاف فضل.
وذكر العمري في مسالك الأبصار آل مسلم من آل فضل والإمرة فيهم في طامي بن عباس وآل عامر والإمرة فيهم في بني عامر بن دراج وآل فضل، هؤلاء من ربيعة رجل من سلسلة الذي عاش في أيام اتابك الزنكي وولده نور الدين، وقد نبغ ربيعة هذا بالشام سنة سبع وسبعين وخمسمائة للهجرة المقابل 1181 للميلاد.
وقد نسب العمري ربيعة إلى حازم بن علي بن مفرح بن دغفل بن جراح بن شبيب بن مسعود بن سعيد بن حريث بن سكن بن رفيع بن علقي بن حوط بن عمرو بن خالد حتى ينتهي إلى طيء (وقد اختلفت هذه السلسلة مع ما أورده القلقشندي والسيوطي وابن لعبون والمغيري)
وطيء تنسب الى ادد بن زيد بن يشجب بن عريب كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.
ومما سبق يتضح ان لبني خالد الحجاز علاقة ما بآل فضل وانهم يمكن ان يلتقوا معهم في نسب اعلى خصوصا ان العمري في مسالك الإبصار عد آل منيخر من آل مرا اخوه آل فضل مع انه عدهم من فروع بني خالد.
وقد نسب صاحب لمع الشهاب في سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بني خالد (اصحاب الاحساء) الى ربيعة دون ذكر بقية النسب وقد اخذ بهذا النسب بعض المعاصرين.
على ان العمري يقول في موضع آخر واذ قد انتهينا من ذكر آل ربيعة فلنذكر ما حضرنا من بقية العرب وديارهم ثم اورد عددا من القبائل بالتفصيل مبتدئا بخالد حمص ثم بني كلاب وآل بشار ثم ذكر غزية «مع ملاحظة ان معظم القبائل التي اوردها كان قد اضافها وادخلها في آل فضل بن ربيعة»، ولم يحدد نسبها بل عين مساكنها وفروعها فيذكر ان شيوخ غزية في الطريق بين بغداد والحجاز ويذكر من غزية :
- أ ـ البطنين: ويذكر منهم آل دعيج وكان شيخهم مانع بن سليمان قد وفد الى مصر سنة 603هـ ـ 1207م وآل روق، وآل رفيع وآل شريه وآل مسعود وآل تميم وآل شمردل (ويعد من مياههم اليحموم واللصيف والنخيلة والمغيبة).
- ب ـ الأجود: ومنهم (آل منيع، وآل سنبل، وآل سند، وآل منال، وآل ابي الحزم وآل علي وآل عقيل وآل مسافر وعد من مياههم لينه والثعلبة وزرود وعد من ديار الاجود «الرخيمية والوقبا والفردوس ولينه والحدق» وقد ذكرت ديار غزية في السروات ما بين تهامة ونجد مع قومهم جشم بن معاوية من هوازن العدنانية.
اما بالنسبة لنسب غزية هذه وعلاقتها بخالد فقد اورد القلقشندي في كتابه «نهاية الارب» (خالد بطن من غزية من طيء من القحطانية مساكنهم برية الحجاز من قومهم من غزية).
اما المغيري في كتابه المنتخب فعد بني خالد الحجاز من لام ونسبهم الى بني ابي بن غنم بن حارثة حتى اوصلهم الى لام، ويعترض علي السويدي صاحب كتاب سبائك الذهب عندما عد بطون الاجود في غزية هوازن كما ورد كذلك ان بني خالد من طوائف عربان بني لام.
وقد دفعت مقولة ان بني لام داخلون في امرة ربيعة المغيري الى ان يحتمل ربيعة من لام.
اما ابن لعبون عندما ذكر بنو لام ذكر منهم (آل كثير والفضول وهم خالد المذكورين الذين انخذلوا من ناحية بيشة وصاروا بادية الخرج وما يليه في زمن ولاية الروم على الاحساء (ومن المحتمل ان العبارة محرفة لان نسب خالد الحجاز الى بني عقيل من عامر بن صعصعه العدنانية كما يفهم من سياق استعراضه لقبائل بني عقيل العامرية).
اما ابن عقيل فينسب بني خالد الى مرا بن ربيعة الذي يوصله الى لام حتى طيء واورد العمري كذلك اسم خالد بعد ذكر غزية وعدد من ديارهم (التنومة وضئيدة وابو الديدان والقريع وخارج والكواره والنبوان الى ساق العرفة الى الرسوس الى عنيزه الى وضاخ الى حبله الى السر الى العودة الى العشرية الى الأنجل.
وهناك خالد من بني مهدي من جذام القحطانية ومنازلهم البلقاء مع قومهم بني مهدي.
يستنتج من سياق النصوص السابقة عدة احتمالات:
- ـ ان بني خالد هؤلاء من آل فضل من ربيعة
- ـ انهم من الاجود من غزية من طيء
- ـ انهم من خالد الحجاز من غزية من بني لام من طيء
- ـ ان بني خالد من اجود غزية من ربيعة من لام من طيء
- ـ ان بني خالد من اجود من غزية من آل مرا من ربيعة من لام من طيء
واعتماداً على هذا يتضح أن بني خالد الحجاز على الأرجح من طيئ القحطانية سواء دخلت في الأجواء أو في غزية أو ربيعه أو بني لام لأن جميع هذه القبائل داخلة في طيئ سواء كانت متفرعة من بعضها أو من فروع مختلفة، وقد تكون خالد فروعاً متعددة كل منها يحمل مسمى خالد، وتجتمع في طيئ إلا أن الأرجح أنها تنسب لرجل واحد من طيئ.
ومما سبق نستطيع ترجيح نسب خالد الحجاز إلى الأجود من غزية من لام الطائية ومع هذا الترجيح فإن احتمال نسبة خالد الحجاز إلى غزية من هوازن العدنانية لايزال قائماً ولا يمكن الجزم بنفية وذلك اعتمادا على بعض النصوص والآراء التي وردت سابقا.
أما خالد المذكورون في بني مهدي من جذام القحطانية فمن المحتمل أنها خالد الأردن حيث ورد ذكر منازلهم مع قومهم بني مهدي في البلقاء.
- الرأي الثاني: نسبة بني خالد- موضوع الدراسة- إلى عامر بن صعصعة:
عندما تحدث العمري عن عقيل نقل عن الحمدان أنهم من آل عامر وهم غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة. ولكن ابن حزم عندما ذكر بني عامر بطن عم عامر ان صعصعة من هوازن من العدنانية عد منهم عقيل بضم العين وأنهم من عامربن صعصعة ثم عد بني عقيل ونسبهم إلى كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من العدنانية وعد منهم المنتفق وإلى هذا نسبهم القلقشندي، ونقل عن ابن خلدون في العبر على أنهم بنو عامر بن عوف بن مالك بن سعد، وعلق على هذا بقوله (ولم يصل نسبهم بعامر بن صعصعة) مع أن ابن خلدون نسبهم إلى عامر بن صعصعة، كما ذكر أثناء حديثه عن بعض القبائل وحركتها داخل الجزيرة (وكان بنو عامر بن صعصعة كلهم بنجد)، ثم ذكر انتقال هذه القبائل الى أماكن خارج الجزيرة ثم قال (ولم يبق إلا بنو عقيل) ثم تحدث عن استيلائهم على الموصل وحلب وغيرها ثم رجوعهم إلى البادية (وورثوا مواطن العرب في كل جهة)، وعدد ابن خلدون بعض بطونهم ومساكنهم إلى أن قال ( هذه أحوال بني عامر ابن صعصعة واستيلائهم على مواطن العرب من كهلان وربيعة ومضر)، ويدعم هذا النص أن بني عقيل من عامر بن صعصعة، كما ذكر في موضع آخر أن بني عقيل من إخوان المنتفق ومسكنهم بجهات البصره، وأنهم استولوا على البحرين بعد ذلك عندما غلبوا عليها تغلب.
مع العلم أنه ينسب المنتفق إلى عامر بن صعصعة، وتعزز المقولتان السابقتان نسبة بني عقيل إلى عامر بن صعصعة. وقد ورد ذكر مساكن بني عقيل وأنها بالبحرين ثم أدى صراعهم مع تغلب إلى طردهم من البحرين إلى العراق حيث أقاموا ملكهم هناك إلى أن استولى عليه السلاجقة، فتوجه بنو عقيل مرة أخرى إلى البحرين حيث وجدوا تغلب قد ضعف امرها فاستولى بنو عقيل على البحرين.
قال ابن سعيد المغربي: (سألت أهل البحرين في سنة احدى وخمسين وستمائة حين لقيتهم بالمدينة النبوية عن البحرين فقالوا الملك فيها لبني عامر بن عوف بن عامر بن عقيل وبنو تغلب من جملة رعاياها وبنو عصفور «منهم» وهم اصحاب الاحساء وهي دار ملكهم).
ونسب عن ابن سعيد وهو يتحدث عن عامر بن صعصعة حول وجودهم ونفوذهم قوله: (وملكوا ارض اليمامة من بني كلاب «حوالي سنة ستمائة وخمسين للهجرة» ملكها منهم عصفور وبنوه). وقد ذكر العمري منهم القديمات (والنعايم وقبات) وقيس (ودغفل وحرنان وبنو مطرق) وفدوا في الايام الظاهرية بصحبة مقدمهم محمد بن احمد بن (العقدي) بن سنان بن (عقيله) بن شبانه بن قديمة بن نباته بن عامر، وقد اورد ذلك ابن لعبون مع بعض الاختلاف، وان كان قد نقل عن الحمداني، ولكنه زاد (ومن اولاد عقيلة بن شبانه عميره جد العماير وهو ابو راشد شيخ عقيل في امارة محمد بن ابي الحسين.. العيوني).
وعدّد العمري ديارهم فذكر الاحساء والقطيف وملح وانطاع والقرعا واللهابه و جوده. ومتالع اما الجاسر فمع انه نسب عامر الى بني عبدالقيس الا انه لم ينف وجود بني عامر ابن صعصعة في المنطقة وذكر مقدمهم عند تدفق القبائل العربية اثر ظهور الاسلام (فكان من سكانها بطون من بني عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن من بني عقيل وكلاب وغيرهم على ما يفهم من كلام الازهري وابن خلدون وما جاء في «شرح ديوان ابن مقرب») الى ان قال (وقد تكرر اسم بني عامر بين سكان هذه البلاد وهم في الاصل من بني عبدالقيس غير ان انضواء بطون من بني عامر بن صعصعة الى هذه النواحي واتفاق اسم القبيلتين سبب اختلاطهما)، وحين تحدث الجاسر عن منازل بني عامر الهوزانية في عالية نجد حتى الجانب الغربي الجنوبي من الربع الخالي قال (ولاشك ان من فروعها من انساح في جوانب الجزيرة الاخرى).
ويتحدث الحميدان عن ارتباط اسم بطون بني عقيل ببلاد البحرين منذ انتقالهم اليها في اواخر القرن الثالث الهجري ـ التاسع الميلادي ثم يشير الى استقرارهم في البحرين وهي تحت حكم القرامطة (ان ترتيب الاحداث يشير الى أن بطون بني عقيل عندما غادرت مواطنها الأصلية في نجد استقرت في البحرين حيث كانت هذه البلاد تحكم من قبل القرامطة، أو أنهم انتقلوا اليها مع ظهور حركة القرامطة بعد أن تحالفوا معهم).
وقد تحدث ابن لعبون عن استعانة القرمطي بعدد من قبائل العرب ذكر منها قبائل عامر بن صعصعة.
من النصوص السابقة نتوصل الى ان بني عامر بن صعصعة كانت لهم علاقة بالبحرين قبل نزوحهم عن نجد بحكم الجوار، ثم بدأوا بالانتقال الى البحرين أثناء ظهور الحركة القرمطية حتى أصبحت قبائلها ذات نفوذ مؤثر في المنطقة سواء في عهد القرامطة او العيونيين ومن تلاهم أو عندما تولت بنو عقيل بن عامر حكم المنطقة في ذلك العهد وخصوصا ان بني عبدالقيس أثناء الحكم القرمطي قد ضعف نفوذهم في المنطقة ومالوا الى حياة الاستقرار، ولم يبرز منهم بعد ذلك الا العيونيون الذين قضوا على القرامطة، وأصبحوا قوة مستقرة في المنطقة.
وأما بقية العمور المنسوبين الى بني عبدالقيس فقد نزحوا على الأرجح الى عمان (ودخلوا في بني رماح وسكنوا الجبل الأخضر وانتسبوا فيهم). وحتى لو نسبت عامر الى بني عبدالقيس وهو أمر يصعب ترجيحه فانهم بالتأكيد من عدنان.
وأما رواية الحمداني من أن بني عقيل بن عامر (غير عامر المنتفق وغير عامر بن صعصعة) فانها رواية لم يعتد بها القلقشندي الذي نسب بني عامر المتقدم ذكرهم الى عامر بن صعصعة في أكثر من موضع بل ونفى رواية الحمداني عنهم (ولا عبرة بقول الحمداني أنهم غير عامر صعصعة وعامر المنتفق بل هم من عامر بن صعصعة) ويسند رأيه هذا ان ابن خلدون عدّهم من عامر بن صعصعة وأنهم اخوان المنتفق الذين أرجع نسبهم كذلك الى عامر بن صعصعة.
وعندما تحدث ابن عبدالقادر عن الجبور في شرق الجزيرة قال (الجبور من عقيل بن عامر دخلوا في بني خالد) ولم ينسب بني عامر هؤلاء.
وتناول العديد من الباحثين المعاصرين نسب بني عقيل هؤلاء فالعزاوي عند حديثه عن الأجود حكام الاحساء ذكر أنهم (من بني عقيل أخوة المنتفق او أبناء عمومتهم) ونسب السيابي الجبور الى هلال بن عامر بن صعصعة.
ويشير الحميدان في معرض كلامه عن العصفورين (على أن بني عامر ينتسبون الى عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة من العدنانيين) وعندما تحدث عن إمارة الجبور وعلاقتها بآل عصفور قال (انه اذا كانت صلة النسب والانحدار القبلي بينهما أمرا لا خلاف فيه نظراً لانتسابهما جميعاً الى قبيلة عامر بن عقيل)، كما نسبهم ابن عقيل الى عامر بن صعصعة وفند مقولة الحمداني السابقة بالنقد والتحليل اضافة إلى تتبعه عامر التي ذكرها ابن المقرب في شعره في معرض مناقشته لنسب آل عصفور حتى تأكد له انها من عامر بن صعصعه.
كما استشهد أبا حسين بشعر كل من الكليف، عامر السمين، ابن مشرف لتقرير نسبة الجبور حكام الاحساء الى عامر بن صعصعة.
كذلك نسب الشبل دولة الجبور الى (بني عقيل بن عامر بن صعصعة القبيلة العدنانية المشهورة).
ويتضح من الآراء السابقة اتفاقها على نسبة بني عقيل الى عامر بن صعصعة. واهتمامنا بنسب بني عامر هؤلاء يرجع الى ان هناك قبائل متفرعة منها تنسب الى خالد.
- ـأ بنو خالد بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، من أيامهم يوم الفتاة، فيه اغارت بنو عامر على بني خالد بن جعفر فانهزم بنو عامر في ذلك اليوم بعد مقتلة عظيمة.
- ـب بنو خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة
- ـج بنو خالد بن وبر بن الأضبط بن كلاب بن ربيعة بن عامر
- ـد بنو خالد احد بطون خفاجه بن عمرو بن عقيل بن كعب من ربيعة بن عامر.
تذكر بعض المصادر العراقية أثناء حديثها عن نسب آل سعدون زعماء المنتفق ان جدهم الشريف حسن قد نزح من موطنه لخلاف عائلي واستقر في الباطن عند بني مالك احدى قبائل المنتفق مستجيرا بشيخها شيحان بن خضيفه بن سعدون الذي رحب به ثم سعى (إلى تزويجه من طليعه بنت عبدالله شيخ بني خالد المعروفين وهم رهط من بني مالك) فكان من ثمار هذا الزواج ظهور الزعامة المنتفقية.
ومن تلك الرواية نتوصل إلى وجود بني خالد من بني مالك من المنتفق وقد مرّ بنا نسب المنتفق في عامر بن صعصعة.
مما سبق نستنتج مايلي:
- أـ أن هناك بطونا تنسب إلى خالد ومتفرعة من عامر بن صعصعة العدنانية.
- بـ أن بطون خالد تلك على الأرجح تعيش مع قومها في شرق شبه الجزيرة وجنوب العراق بعد نزوحهم من نجد.
- جــ أن هذه البطون أو «أحدها على الأقل» كان له دور في الأحداث العامرية ولم يكن مجرد بطن صغير.
- دـ أن بطون خالد من عامر بن صعصعة قد عاش «أحدها على الأقل» مع بني عقيل بن عامر، واختلطوا بهم بصلة القرابة والجوار.
- هــ أن من المحتمل أن ابن مشرف قد بنى على هذه الصلة والتداخل فنسبهم إلى عقيل بن عامر عندما قال:
ولا تنس جمع الخالدي فإنهم
قبائل شتى من عقيل بن عامر
كما تأثر بها ابن لعبون من قبل فنسب خالد الحجاز عند مقدمهم إلى الأحساء إلى بني عامر من عرب بيشه وعدّد فروعهم إلى أن قال (كل هؤلاء في عقيل).
ومن هذا يرجح لدينا وجود قبيلة خالدية من عدنان في المنطقة قبل مقدم خالد الحجاز ولا ينفي وجودها اختلاطها مع قومها، وسوف نتطرق لذلك بمزيد من التفصيل اعتماداً على دراسة ومقارنة ما توفر لدينا من معلومات.
- الرأي الثالث: نسبة بني خالدـ إلى بني مخزوم من قريش العدنانية:
ذكر العمري بني خالد وعرفهم بعرب حمص «مقولة الحمداني» وأنهم يدّعون النسب إلى خالد «ابن الوليد» وقد أجمع أهل العلم بالنسب على انقراض عقبه ولعلهم من ذوي قرابته من بني مخزوم وكفاهم ذلك فخراً أن يكونوا من قريش. وقد نسبهم القلقشندي إلى بطن من بني مخزوم من قريش العدنانية وأنهم رهط خالد بن الوليد ثم أورد رواية الحمداني السابقة عنهم، وهناك من اعتبر بني خالد بطناً من مخزوم العدنانية ثم ذكر انتشارهم في العراق ونجد والشام وبلاد أخرى بادية وحاضرة. وهذه الرواية تنسب بني خالد جميعاً دون استثناء إلى بطن واحد، وهذا مخالف للواقع على الأرجح سواء نسبناهم إلى بني مخزوم أو غيرهم وقد رد العزاوي على مقولة انقطاع عقب خالد بقوله (وفي ابن الأثير أن ذرية خالد المخزومي «رضي الله عنه» قد انقرضت، ولكن السبكي وعبدالغافر والسمعاني والبقاعي نصوا في طبقاتهم وتواريخهم على وجود الذرية الخالدية، وترجموا كثيرا من أكابر رجالها وما رواه ابن الاثير من انقراض عقبه إنما كان في المدينة المنورة وليس على وجه الاطلاق). أما المؤرخ العثماني صبري فعندما تحدث عن نسب بني خالد قسمها إلى قسمين أحدهما: (ينتهي إلى الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه). والثاني: (فينتهي إلى اخوته وأبناء عمومته وكلاهما من جماعة بني مخزوم). ويذكر كذلك أن مقاليد السلطة في نجد حتى نهاية القرن الثاني (عشر) محصورة في أسرة مخزومية من أبناء عمومة خالد بن الوليد إلى أن قال (ثم انتقلت مقاليد الأمور إلى محمد بن عبدالله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبدالرحمن بن الوليد، وظل الحكم في أيدي هذه السلالة حتى تولت الأمر الدولة السعودية.
وحين تحدث صبري عن آل عريعر عدهم ابناء عمومة أمراء بني خالد في حماة وبادية الشام.
ويتضح مما سبق أن بني خالد الذين ينسبون إلى بني مخزوم هم خالد حمض ولم يعترض أحد على هذا، إنما الاعتراض على نسبتهم إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه. والذي يجعلنا نستعرض نسب خالد حمض المخزومية وهي في الشام الرواية السابقة التي تنسب بني خالد موضوع دراستنا وأمرائهم آل عريعر إلى بني مخزوم، وكذلك اعتبار العزاوي ومن تبعه بني خالد جميعا وبدون استثناء من بني مخزوم، كما عدهم ابن بسام من عدنان ورجح أنهم قبيلتان (أحداهما قرشية مخزومية وهي التي بالشام ونواحيه). بالإضافة إلى أن ابن عبدالقادر يذكر عند استيلاء العثمانيين على الأحساء أنه (كان من جماعتهم جماعة من بني خالد جاءوا بهم من بادية الشام فأنزلوهم الرجراجة تعزيزا لعساكر الدولة، وهذا أول قدوم بني خالد إلى الاحساء وذلك في منتصف القرن العاشر من الهجرة)، كما أشار إلى هذا الدباغ عندما قال (وفي أثناء مرور العثمانيين ببادية الشام التحق بهم جماعة من بني خالد، فنزلوا الاحساء وغيرها فكان لهم فيما بعد شأن في تاريخ هذه البلاد). وعلى كل حال فرواية كل من ابن عبدالقادر والدباغ تشير إلى قدوم بني خالد من الشام ولا تنسبهم، وسوف نناقش هذه المقولة عند حديثنا عن فروع بني خالد.
مجمل الآراء السابقة
ومما سبق نستخلص في نسب بني خالد في الأحساء موضوع بحثنا الآراء التالية:
أولا: من عدها قحطانية:
- أ - من نسبها الى طيء من قحطان والأرجح ان هذا ينطبق على زعمائهم آل حميد، وكذلك فروعهم، من خالد الحجاز مثل الدعم وآل جناح.
- ب - نسبتها الى بني مهدي من جذام، وهذا أمر محتمل في أحد فروعها وهو آل صبيح.
ثانيا: من عدها عدنانية:
- أ - من نسبها الى عامر بن صعصعة من هوازن العدنانية. وهذا النسب بنطبق على البطون الموجودة في المنطقة قبل مقدم خالد الحجاز مثل الجبور والعماير.
- ب - من نسبها الى بني مخزوم القرشية العدنانية وتعميم هذا النسب على جميع بني خالد أمر بعيد الاحتمال.
أما رواية أيوب صبري فحديثة العهد، وليس هناك ما يسندها خصوصاً أنه أوصل نسب آل عريعر إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه المختلف في بقاء عقبه، ثم إن هذا الانتساب لو كان صحيحاً لاعتز به آل عريعر ولذكره مؤرخو المنطقة من معاصريهم لشرف هذا النسب وعلو منزلته.
أما رواية العزاوي فيمكن ان تنطبق على خالد الشام فقط ولا علاقة لها على الأرجح ببني خالد في نجد والأحساء.
- ج - من نسبها الى بني عبدالقيس العدنانية وذهب الى هذا أحد المعاصرين ورسم شجرة تفرعهم من عبدالقيس.
وهذا الرأي لم أجد ما يسنده من المصادر التي قبله الا اذا كان يستند على ان بني عبدالقيس هم سكان المنطقة الأوائل ولم يذكر لهم هجرة عن المنطقة وان بني خالد امتداد لهم وهذا استناد ضعيف ولا يمكن الاعتماد عليه في نسبة بني خالد الى بني عبدالقيس نتيجة لما يلي:
- ان المنطقة كانت منذ القدم تسكنها قبائل أخرى كتميم وبكر بن وائل والأزد، فلم تقتصر على بني عبدالقيس وحدهم.
- هجرة بعض القبائل الأخرى في فترات متلاحقة مثل عامر بن صعصعة الهوازنية الى المنطقة بحكم الجوار وأثناء ظهور حركة القرامطة.
- وجود قبائل خالدية تنسب الى عامر بن صعصعة في المنطقة أو في المناطق المجاورة لها.
- ان هناك بعضا من خالد الحجاز قدم الى المنطقة في عصر متأخر ولا زال يحتفظ باسمه حتى اليوم كآل جناح والدعم وغيرهما.
أما بالنسبة لرأي الجاسر من ان العماير من بني خالد ينسبون الى عبدالقيس فأمر محتمل ولكن هناك من الشواهد ما يضعفه.
فرواية السيابي عن عمور بني عبدالقيس وهجرتهم لعمان وتغلب القرامطة على بني عبدالقيس في الاحساء، والقطيف ومحاولة ابادتهم كلها تدل على زوال بني عبدالقيس كقوة قبلية مما دفع بقاياهم الى الانضواء تحت القبائل المجاورة أو الاستقرار والتحضر في الأحساء والقطيف أو الهجرة هربا من القرامطة فإن وجدت بقايا لبني عبدالقيس فالأرجح انها ذابت في العديد من القبائل ومن ضمنها بنو خالد ولم يعد لها أي فرع مستقل في بني خالد يمكن ان ينسب اليها.
وتجدر الاشارة الى ان معظم من نسبها في قحطان أو عدنان من المعاصرين لم ينف وجود من ينضم اليها من قبائل أخرى بسبب الاختلاط والتحالف القبلي.
وقد أشكل هذا الأمر على الدباغ فنسب بني خالد الى قحطان ثم نسب قحطان الى عدنان!
وذكر الحقيل رأيا آخر يتضمن تشكل بني خالد من أحلاف قحطانية وعدنانية دون تفصيل ولكنه عندما تحدث عن الفروع نسب بعضها الى القبائل المعاصرة.
المصادر:
- بنو خالد وعلاقتهم بنجد - عبدالكريم بن عبدالله المنيف الدهبي
- أصدق الدلائل في أنساب بني وائل - عبدالله بن دهيمش بن عباد الفدعاني العنزي
- قصيدة فخر بإمجاد آل عريعر زعماء قبيلة بني خالد للشاعر/سطام بن عبدالله العريعر:
يا موقدين النار فالبرد والصيف
النار شبوها وزيدو حطبها
صفو عليها دلال شرابة الكيف
يطرب لها يا سعود منهو شربها
وسوالفن ما هيب كذبن وتزييف
علوم الشيوخ اللي رفيعن حسبها
حكام هجر ونجد للشام وطريف
هم العريعر راس خالد نسبها
في نجد شاخو وافنو الترك بالسيف
واركو على العدوان حامي عطبها
حتى الحباري حيفو بيضها حيف
يا ويل من سيف العيرعر حربها
اهل الشجاعه والكرم والتواصيف
تشهد لهم كل العجم مع عربها
الى اعتلو قب المهار المزاغيف
مثل الصواعق يوم ترمي لهبها
كم هجمتن خلو بددها تناتيف
بسيوفن يشيل الجماجم غضبها
يقدولهم نمرن تدق المشاريف
اهل العزاوي ليتوالت اسربها
دقلات هبس اهل السيوف المراهيف
صفقاتهم تخلف سريعن ندبها
اجيوشهم دايم اغزاة مناكيف
ترهب اعداها لين تكسب طلبها
حماية ديار النخيل المهاديف
ومراتع اذوادن تباري جنبها
الصلب والصمان لصار به ريف
من قو هيبة هبس محدن قربها
تلقى لهم فيها نزول وطواريف
واللي سمحله شيخ هبس وحسبها
وهاك النفوذ اللي عروقه مراديف
يبون مشتاهم غطايس خببها
كبار البيوت البينات الغطاريف
وساع الرباع مرفعاتن قطبها
اهل السموت الطيبة والتصاريف
الطيبين اللي تهدي صعبها
شوكة بني خالد ذرا الجار والضيف
سيف الله المسلول خالد جذبها
وصلاة ربي عد نبت الشفاشيف
على شفيع الخلق حزة كربها
- قصيدة للشاعر الحميدي الدويش في مدح بني خالد:
|
- كل الخوالد ساس طيب على طيب
قبيلتن في نجد واكبر قبيله وشيوخهم تعرف بوقت المواجيب لا جاء نهار فيه شب الفتيله هم العريعر دون شك ولا ريب شيوخ لها التاريخ سجل حصيله تركي على كبد المعادي لواهيب محمة للبيض محدن يشيله
|
تاريخ النشر: الاربعاء 23/5/2007